السبت 19 تشرين الثاني 2022 - 10:58
كتب (البروفيسور إيلي الزير)
ماذا يعتقد النائب الذي يضع ورقة بيضاء في صندوق انتخاب رئيس للجمهورية أنه يفعل؟
هل انتخبه الناس قبل أشهر ليفعل ذلك، أم صوّتوا له كي ينقذهم من الواقع الذي يعيشونه ويوقف رحلة جهنم التي أُلحقوا بها قسراً فخسروا جنى عمرهم، وطارت أحلامهم وهُجّر أبناءهم في أصقاع الأرض بحثاً عن لقمة العيش والامان، بعيداً عن كل الفساد والسرقات وضمور الوطن.
الورقة البيضاء ليست ممارسة ديموقراطية بقدر ما هي سكين توضع بظهر الوطن، ولا علاقة لها بالامانة التي وضعها الناس بممثليهم في مجلس النواب، لأنها بوضوح هي اعلان عجز عن القرار والناس عندما انتخبت اختارت صاحب قرار ولم تختره كي يحتار.
أيّها النائب الذي يحمل ورقة بيضاء، الناخبون يشاهدونك والوطن يتابعك والتاريخ يسّجل ويكتب أنّ نائباً دخل إلى قبة البرلمان وتقاضى راتباً، ومخصصات ومرافقة أمنية وسيارة فارهة لكنه لا يعرف من يختار رئيساً لدولته.
حرٌ أنت أيّها النائب أن تختار من تريد، ولأيّ محور انتسب لكنك لا تمتلك حرية أن تترك ورقة الانتخاب فارغة، لأنّ بياضها اقرب الى السواد، وما كانت السلبية يوماً وسيلة للتعبير.
الوطن ينظر إلى الجميع وسيحاسب الجميع. الورقة البيضاء تصنع الفراغ، والفراغ يزيد مآساة الناس، ومن يقف خلف هذه الورقة شريك بكل ما يحصل، بالتكافل والتضامن مع من يعطّل انتخاب الرئيس.
الأمر لا يحتاج إلى توافق كي ننهي الفراغ الرئاسي، ولا إلى صفقة أو تسوية لأنّ العملية اسمها عملية انتخابية وليست صفقة ولا تسوية. بل جوهرها هو التنافس الشريف فليصوّت النواب لمن أرادوا سليمان فرنجية أو ميشال معوض، أو جوزيف عون، وحتى جبران باسيل. لكن من غير المنطق أن نصوّت بورقة بيضاء ونهرب بعد ذلك لتطيير النصاب، أو أن يصوّت البعض بصفة عامة وليس باسم شخص وكأنه تلميذ في المرحلة الابتدائية يكتب موضوعاً للإنشاء، وليس نائباً يمثّل الشعب الذي منحه تكليفاً دستورياً يتضمن انتخاب رئيس للجمهورية، وسنّ القوانين وليس الاختباء حلف الحيرة بورقة بيضاء لن يذكرها التاريخ.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط