Ayoub News

اقتصاد


قريباً سيدفع اللبناني فواتير باليورو واليوان والروبل!

الاثنين 1 نيسان 2019 - 7:46

هل يُعقل أنّ القوانين في كل بلدان العالم تفرض التعامل بالعملة الوطنية في التعاملات الداخلية إلّا في لبنان التعامل بالعملات الأجنبية حرّ؟ أليست العملة الوطنية هي عنوان من عناوين السيادة الوطنية؟ ألا يُسبّب هذا الأمر ضغوطات على العملة الوطنية؟ أسئلة مشروعة تفرض إعادة النظر بحرّية التعامل بالعملات الأخرى في التعاملات الداخلية.

تكتسب العمّلة الوطنية أبعادًا تتخطى بُعدها الإقتصادي البحت، فهي أكثر من وسيلة تبادل في الإقتصاد. ولا يقتصر دور العملة على التبادل التجاري، بل تمتلك أبعادًا إستراتيجية مثل «تعزيز الهوية الوطنية» أو «إعطاء اللون السياسي للحكومات» وغيرهما. والمعروف أنّ الرأي العام في الدول المُتطورة يتأثر بقوّة العملة الوطنية، حيث أنّ توقعات دائمة بانخفاض العمّلة تُثير الرأي العام تجاه السلطة السياسية وتؤدّي إلى خسارتها في الإنتخابات.

العوامل التي تؤثّر على قيمة العملة الوطنية كثيرة ونذكر منها:

أولًا- العوامل الإقتصادية: وعلى رأسها السياسة الإقتصادية للحكومة التي تُحدّد مدى قوة الإقتصاد الوطني. وبما أنّ «العملة تعكس قوّة الإقتصاد» كما هو معروف في النظرية الإقتصادية، فبالتالي كلما كان الإقتصاد قوياً كانت العملة قوية والعكس بالعكس.

ثانيًا- العوامل السياسية: وعلى رأسها سياسة الحكومة الداخلية والخارجية. فالتخبّط السياسي له تأثير سلبي على العملة الوطنية، من ناحية أنه يُقلّل من ثقة المُستثمرين وبالتالي تقلّ الإستثمارات ومعها الناتج المحلّي الإجمالي، أي حجم الإقتصاد. كما أنّ السياسة الخارجية تؤثّر على صادرات البلد إلى الخارج وعلى تحاويل المغتربين مما يؤثر سلبًا على الناتج المحلّي الإجمالي ومعه العملة الوطنية.

ثالثًا- العوامل النقدية: خصوصًا تلك المُرتبطة بسياسة المصرف المركزي النقدية، إذ كلما كانت سياسة المركزي «تقييدية» كانت العملة أقوى والعكس، كلما كانت سياسة المركزي «توسعية» تنخفض قيمة العملة.

رابعًا- العوامل المالية: بالطبع هنا العامل الوحيد هو مالية الدولة التي تؤثّر على سعر صرف العملة مباشرة من خلال الإفراط بالإستدانة أو بشكل غير مباشر عبر ضرب الإستثمارات، وذلك من خلال المضاربة مع القطاع الخاص على أموال المصارف.

خامسًا- العوامل القانونية: وهنا نقصد بالتحديد القوانين المرعية الإجراء والتي تُحدّد قوانين اللعبة المالية والإقتصادية إن من ناحية حصرية إستخدام العملة في التعامل الداخلي أو من ناحية حريّة العمليات في الأسواق المالية (بهدف المضاربة مثلًا).

سوء هذه العوامل يؤثّر بشكل مباشر على قيمة العملة الوطنية التي قدّ تخسر من قيمتها في الأسواق. وهذا ما يُبرّر بشكل أساسي تغيّر العملات في الأسواق المالية. بالطبع في البلدان ذات الإقتصادات الضعيفة، الإنخفاض في سعر صرف الليرة تكون له تداعيات إجتماعية كارثية وتداعيات نفسية على المواطن من ناحية شعوره بالإذلال. وردّة الفعل الطبيعية هي قيام المواطن بشراء العملات الصعبة عبر التخلّص من عملته الوطنية، ما يخلق بحدّ ذاته ضغطًا على هذه الأخيرة وتصبح السلطة السياسية رهينة الأسواق المالية. من هذا المنطلق، تأتي سياسة الثبات النقدي لمنع مثل هذا السيناريو.

لكن السؤال الأساسي المطروح في الحالة اللبنانية: هل تستطيع السياسة النقدية وحدها المُحافظة على العملة إذا كانت كل العوامل الأخرى الآنفة الذكر تلعب ضدّ الليرة اللبنانية؟

من هذا المُنطلق، هناك إلزامية التصويت على قانون يمنع إستخدام أي عملة غير الليرة اللبنانية في التعاملات التجارية والإقتصادية الداخلية تحت طائلة العقوبات مع حفظ حريّة الفرد بإمتلاك العملات التي يريدها في حسابه المصرفي وحرية تبديلها بأي عملة بهدف الإستثمار مع منع المضاربة على الليرة اللبنانية. وبالتالي إذا كان التعامل بعملات غير العملة الوطنية ممنوع في التجارة الداخلية في فرنسا، لماذا نسمح بذلك في لبنان؟ باعتقادنا هذا ترفّ لا نمتلكه!

في الواقع، يجب الذهاب أبعد من ذلك، من خلال منع أي تعامل تجاري داخلي (سلع وبضائع وخدمات للإستهلاك) بالعملة الأجنبية. هذا الأمر كفيل بتخفيف الضغط على الليرة اللبنانية وبالتالي على إحتياط العملات الأجنبية في مصرف لبنان بنسبة لا تقلّ عن 30 إلى 40%. وهنا يتوجّب الأخذ بعين الإعتبار المصلحة العامّة على حساب المصالح الخاصة.

منع التداول بعملات غير الليرة اللبنانية في الداخل هو إجراء قد يُساء فهمه نظرًا للظروف المالية الصعبة التي تمرّ فيها البلاد. لكن المطلوب بكل بساطة تطبيق الإجراءات التي تنص عليها القوانين الإقتصادية كما في البلدان الأخرى من خلال فرض التعامل بالليرة اللبنانية في التعاملات التجارية داخل لبنان من دون المس بحرّية إمتلاك العملات الصعبة للاعبين الإقتصاديين.

(المصدر: الجمهورية)



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط



البحث عن «دو كليرك»

سمير عطا الله

السعودية دولة أفعال

مشعل السديري

رأي في عقول معاصرة!

محمد الرميحي