Ayoub News

اقتصاد


الفوائد ترتفع إلى مستويات مُقلقة

الاثنين 13 آب 2018 - 8:56

فرضت أسعار الفوائد نفسها مجددا على مسرح التطورات المالية والاقتصادية المُقلقة التي تستحق المتابعة بدقة، خصوصا ان المستويات التي بلغتها اليوم، تشكّل اعاقة حقيقية امام كل فرص النمو، وباتت تُطرح تساؤلات حول التأثيرات السلبية التي سيتركها هذا الوضع في حال طالت فترة ارتفاع الاسعار.

في تشرين الثاني 2017، وابان أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، اتُخذ قرار برفع اسعار الفوائد، لتشجيع المودعين على التمسّك بالليرة اولا، ومن ثم الابقاء على ودائعهم في المصارف اللبنانية. وقد تمّ في حينه "رفع معدل الفائدة المرجعية لليرة اللبنانية في سوق بيروت، الى 10.65% بدلاً من 8.65% هذه المعدلات تشكل قاعدة لاحتساب الفوائد المدينة بعد إضافة نوعية مخاطر الائتمان والربحية بالنسبة للتسليفات والقروض بالدولار وبالليرة اللبنانية.

في الأزمة اللبنانية القائمة حالياً، يتصرّف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مثل طبيب جراح يجري جراحة في الرأس. فهو يدرك دقة العملية، وخطورتها وأهميتها في إنقاذ المريض. ويضطر البنك المركزي الى اتخاذ قرارات موجعة، في اطار خيارات محدودة جداً، عليه أن يقرّر في فترة زمنية ضيقة، ماذا يختار منها. ويبدو ان الخيار في الأزمة الحالية، وقع على قرار رفع اسعار الفوائد في الاسواق، وهذا يعني ان أسعار الفائدة المرجعية التي تقررت في تشرين الثاني 2017، لم تعد تجدي لمواجهة تداعيات الأزمة، ومنع الوصول الى الاسوأ.

وقد شهدت اسعار الفوائد ارتفاعا غير رسمي، (ليس محتسباً على قاعدة الفائدة المرجعية المحدّدة بـ10.65%)، وصل الى سقوف جديدة، وبات الحصول على قرض بالليرة، في نوعية محدّدة من القروض، يتطلب دفع فائدة قدرها 20%، هذا الواقع يعني انه من دون قروض مدعومة، أصبحت كل الاعمال مهدّدة وغير قادرة على النمو أو حتى الصمود.

لكن التداعيات الخطيرة لهذا الواقع ستظهر بوضوح أكبر، في حال طالت حقبة الأزمة القائمة اليوم. وستضطر المصارف الى تغييرات جذرية في بنية القروض الممنوحة الى كل القطاعات. وفي هذا الوضع، لا تكمن الأزمة في وقف الاستثمارات الجديدة فحسب، بل في انهيار الاستثمارات القائمة، والتي تعيش على قروض مفتوحة بأسعار فوائد متدنية نسبيا، ولن تكون قادرة على الاستمرار في ظل اسعار فوائد تتجاوز سعر الفائدة المرجعية بـ500 نقطة وأكثر.

في كل الاحوال، هناك من يعتقد ان اسعار الفوائد كما هي اليوم، ليست مرتفعة بل طبيعية وفق القواعد الاقتصادية المعتمدة في العالم. والواقع، ان أسعار الفوائد في لبنان قبل الأزمات المستجدة منذ تشرين الثاني 2017، كانت غير طبيعية، وأدنى بكثير من الواقع الاقتصادي. لكن لبنان الذي يعاني من أزمة دين عام كارثية، يحتاج الى أسعار فوائد استثنائية ومنخفضة، لمنع كتلة الدين (82 مليار دولار) من بلوغ مستويات خطيرة تصل الى حد عدم القدرة على تسديد المستحقات. ومن خلال العقود الطويلة التي يتمّ ابرامها لجذب الودائع، لا يبدو ان اعادة اسعار الفوائد الى مسارها المنخفض السابق، متوقعة في وقت قصير.

(المصدر: صحيفة الجمهورية)



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط



البحث عن «دو كليرك»

سمير عطا الله

السعودية دولة أفعال

مشعل السديري

رأي في عقول معاصرة!

محمد الرميحي