Ayoub News

خاص أيوب


" تفتيت و تخريب الساحة السنية " الواقع والمرتجى

الاثنين 3 آب 2020 - 1:00

كتب (علي الشاهين(

في لقاء حواري في منطقة الإقليم الأسبوع الماضي، أكد وليد جنبلاط على "ضرورة التلاقي والتنسيق مع سعد الحريري خصوصاً في هذه المرحلة التي تتعرّض فيها الساحة السنية إلى محاولات تخريب و تفتيت".

السؤال هنا، أن يصدر هذا الكلام من مسؤول سياسي ومن هذا المستوى وهذا العيار وفي هذه المرحلة، لا بد لكل معنيّ ومهتم أن يقف عنده، بل يدعونا هذا التوصيف عن "الساحة السنية" إلى ضرورة اعتماد غربال الموضوعية والتحليل والاستشراف لما يقصده زعيم المختارة من هذا الكلام.

ولن نغوص في تاريخ وموقع ودور وحيوية ومحورية وميزات وإنجازات هذا المكوّن اللبناني (السنة) ...وفي ذات الوقت لن نلج أيضاً في دراسة وتقييم استراتيجية وأولويات وديناميكية جنبلاط على مدى أكثر من أربع عقود من العمل السياسي تجاه المسألة اللبنانية أو في علاقته مع السنة. إنما سريعاً وباقتضاب شديد، نشير فقط (وبدون تفاصيل) إلى أن جنبلاط وفي إطار حساباته وحسه السياسي وخصوصاً تجاه الديمغرافيا والجغرافيا، على المستوى الوطني والعربي، وبرأي أحد المتابعين، حسم أمره بأن يكون في الاستراتيجيا والعمق مع وليس ضد السنة. على الرغم من أنه يهادن أو "يتكتك" مع مختلف الأطراف والمكوّنات، وحسب ما تقتضيه الظروف والمراحل. هنا يرى هذا المتابع أن افتتاح مسجد الأمير شكيب أرسلان (أمير وعالم في الفقه السني) في المختارة إلا رسالة لكل حدب وصوب، داخلياً وخارجياً. وهي بمثابة إشارة إلى استراتيجية جنبلاطية تجاه الجميع (مع التنويه بأن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان هو الذي حضر افتتاح المسجد في ١٦ أيلول ٢٠١٦.. وألقى كلمة قوية وأمّ المصلين في المسجد نفسه. ومن بين المصلين كان جنبلاط نفسه، كاتب السطور حضر هذه المناسبة(.

هنا في هذه العجالة الصحفية مقصدنا الأساسي أن نقف ونحاول التقييم العلمي والموضوعي للتوصيف الحنبلاطي عن الساحة السنية..

على مستوى التاريخ والوقائع، ومنذ بزوغ الخيوط الأولى لفجر هذا الوطن على صعيد الدولة والكيان والهوية والحيوية الاستراتيجية تجاه قضايا المنطقة والوطن، يرى المؤرخون والمراقبون أن هناك استراتيجية لقادة السنة قد اعتمدوها، وقد بنيت على ثلاثة مرتكزات، وهي التالية:

- دعم و تعزيز الدولة، فكرة، وتشريعات، ومؤسسات.
- التمسك بمتطلبات العيش المشترك، وأبرزها على الإطلاق قبول الآخر، والتنوع، والوسطية، والاعتدال.
- التوفيق والتوازن المدروس بين المصلحة العليا للوطن وبين مقتضيات وأدبيات الانتماء العربي.

وعلى سبيل المثال، وليس الحصر، فيما يتعلق بهذه الاستراتيجية، لقد تجسدت سياسة ومواقف القادة ورجالات السنة من خلال المواقف الوطنية والإنسانية التي اتخذوها على مدى قرن ونصف ونيف مضى. فمثلاً رأينا أحد وجهاء آل عيتاني، وفي أوج أزمة وحروب الجبل في القرن التاسع عشر (١٨٤٠، ١٨٦٠) قدم مساعدات. وفي ذات الوقت، استقبل أهل مدينته بيروت إخوة لهم من الجبل من الطرفين المتنازعين آنذاك.

كما يذكر في هذا السياق المواقف الوطنية والتاريخية والمصيرية التي اتخذها القادة السنة منذ رياض الصلح ١٩٤٣ وصولاً إلى الجهود الدؤوبة التي بذلها رفيق الحريري لاستيلاد اتفاق الطائف عام ١٩٩٠، والذي أنهى الحرب الأهلية. وهنا يشهد للحريري عبقريته وذهنيته، وذلك عندما جمع بالممارسة بين الوطنية والعروبة والإسلام.... ومروراً طبعاً بأعمال قادة آخرين كصائب سلام وآل الصلح والمفتي الشهيد حسن خالد الذي أبدع وأبرع في إصدار وثيقة الثوابت الوطنية والإسلامية التي صدرت باسم دار الفتوى عام ١٩٨٣.

الآن، ومع ما أتت به شظايا صراعات وحرائق المنطقة، وما أوجدته ثورة ١٧ تشرين فيما يتعلق بالذهنية والنفوذ وانحدار المصداقية للطبقة السياسية عند الشعب اللبناني ولدى الخارج على السواء، ناهيك عن الأوضاع المحبطة التي تعيشها الطائفة السنية على مختلف الأصعدة، معنويات وخدمات ونفوذاً وحجماً في المعادلة الداخلية، وما كشفته أيضاً تجربة التسوية الرئاسية من أخطاء و خطايا، سؤال كبير يطرح. وفي هذا المشهد الداخلي والإقليمي، وهو مشهد مليء بمخاوف وهواجس وجودية يرافقه كلمة تغيير خرائط. السؤال هو: إلى أين تتجه العقول والألباب عند السنة لمواجهة المرحلة الحرجة؟ وهل هناك نيات وخطط مؤسساتية وصيغ خلّاقة لديهم لسحب شعور الإحباط والهوان من الساحة السنية؟ وهل لأهل الحل والربط لهذا المكوّن القدرة والإرادة؟ وهل هم "قدّها وقدود" كما قال مرة الوزير نهاد المشنوق؟ أعتقد أنها أسئلة مشروعة ومطلوبة ومنطقية.

الإجابة هي في ضمير وعقول المعنيين في هذه الطائفة.

نحاول أن نختم، بعد قراءة الرأي العام السني، ومن خلال المقاييس العلمية نطرح التالي:

لتغذية وتأمين مقومات الصمود والمواجهة والحفاظ على الوجود المعنوي والمادي للسنة، ومن منطلق إنشاء وإرساء شبكة أمان، لا بد من خطوات، وذلك تأسيساً على التضحيات والإنجازات التي قام بها الأوائل على مدى ما يقارب المائة عام مضت. لا بد من أن يلتزم الجميع العقلانية والمسؤولية بالحفاظ على هذا الرصيد الهائل لهذا المكوّن الذي يبقى عصياً على التهميش والإلغاء، مهما اشتدت الأحوال وكثرت الأهوال والأعاصير والعواصف.

ومن هذه الخطوات هي التالية:
- أن يعتمد الساسة وأهل الرأي والمشورة في هذا المكوّن العقلانية والتحليل العلمي لمجريات الأحداث والتطورات (تقييم ما أوجدته ثورة ١٧ تشرين.. وتداعيات المصالح الدولية والإقليمية).
- بناء ومد جسور تواصل وتعاون بين أهل الرأي وأهل القرار في هذا المكوّن..
- صوغ رؤية استراتيجية تتناغم مع مستجدات المرحلة.

وفي ذات الوقت تحقيق حدّ معقول من الكرامة الإنسانية لهذا المكوّن الأساسي في هذا الوطن. وهذا الأمر يتطلّب براغماتية وتنازلات وتضحيات ونقداً ذاتياً فعلياً لدى كل من اشتغل سياسة من أبناء هذا المكوّن. وعلى أساس ذلك، يتمّ استثمار الصبر "الأيوبي" الذي يتحمله أبناء مدن الساحل وبلدات الأطراف من أهل السنة، وألّا يبقى الكلام كما ذكر أحد أبناء هذه الطائفة مجرد "جعدنة".



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط



البحث عن «دو كليرك»

سمير عطا الله

السعودية دولة أفعال

مشعل السديري

رأي في عقول معاصرة!

محمد الرميحي